الكتاب: فتوح البلدان
المؤلف: أبو الحسن أحمد بن يحيى البلاذري (ت 279)
حياة المؤلف: القرن الثالث
الطبعة: بيروت، دار ومكتبة الهلال، 1988.
فتوح البلدان، ص:90
قالوا. ولما مات المنذر بن ساوى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بقليل ارتد من البحرين من ولد قيس بن ثعلبة بن عكابة مع الحطم وهو شريح بن ضبيعة بن عمر بن مرثد أحد بنى قيس بن ثعلبة وانما سمى الحطم بقوله:
قد لفها الليل بسواق حطم
وارتد سائر من بالبحرين من ربيعة خلا الجارودي وهو بشر بن عمرو العبدى ومن تابعه من قومه. وأمروا عليهم ابنا للنعمان بن المنذر يقال له المنذر فصار الحطم حتى لحق بربيعة فانضم إليها بمعن معه. وبلغ العلاء بن الحضرمي الخبر فسار بالمسلمين حتى نزل جواثا. وهو حصن البحرين فدلفت إليه ربيعة فخرج إليها بمن معه من العرب والعجم فقاتلها قتالا شديدا. ثم إن المسلمين لجأوا إلى الحصن فحصرهم فيه عدوهم. ففي ذلك يقول عبد الله ابن حذف الكلابي؟
ألا أبلغ أبا بكر ألوكا وفتيان المدينة أجمعينا
فهل لك فى شباب منك أمسوا أسارى فى جواثا محصرينا
ثم إن العلاء خرج بالمسلمين ذات ليلة فبيت ربيعة فقاتلوا قتالا شديدا وقتل الحطم. وقال غير هشام بن الكلبي: أتى الحطم ربيعة وهو بجواثا وقد كفر أهلها جميعا وأمروا عليهم المنذر بن النعمان فأقام معهم فحصرهم العلاء حتى فتح جواثا وفض ذلك الجمع وقتل الحطم: والخبر الأول أثبت. وفى قتل الحطم يقول مالك بن ثعلبة العبدري
تركنا شريحا قد علته بصيرة كحاشية البرد اليماني المحبر
فتوح البلدان، ص:91
«البصيرة من الدم ما وقع في الأرض»
ونحن فجعنا أم غضبان بابنها ونحن كسرنا الرمح في عين حبتر
ونحن تركنا مسمعا متجدلا رهينة ضبع تعتريه وأنسر
قالوا: وكان المنذر بن النعمان يسمى الغرور فلما ظهر المسلمون، قال:
لست بالغرور ولكنى المغرور ولحق هو وفل ربيعة بالخط فأتاها العلاء ففتحها وقتل المنذر ومن معه، ويقال: إن المنذر نجا فدخل إلى المشقر وأرسل الماء حوله فلم يوصل إليه حتى صالح الغرور على أن يخلى المدينة فخلاها ولحق بمسيلمة فقتل معه، وقال قوم: قتل المنذر يوم جواثا، وقوم يقولون: أنه استأمن ثم هرب فلحق فقتل، وكان العلاء كتب إلى أبى بكر يستمده فكتب إلى خالد بن الوليد يأمره بالنهوض إليه من اليمامة وانجاده مقدم عليه وقد قتل الحطم فحصر معه الخط، ثم أتاه كتاب أبى بكر بالشخوص إلى العراق فشخص إليه من البحرين وذلك في سنة اثنى عشر، وقال الواقدي يقول أصحابنا: إن خالدا قدم المدينة ثم توجه منها إلى العراق.
واستشهد بحواثا عبد الله بن سهيل بن عمرو أحد بنى عامر بن لؤي ويكنى أبا سهيل وأمه فأخته بنت عامر بن نوفل بن عبد مناف، وكان عبد الله أقبل مع المشركين يوم بدر ثم إلى المسلمين مسلما وشهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ أباه سهيل بن عمرو خبره، قال: عند الله أحتسبه، ولقيه أبو بكر وكان بمكة حاجا فعزاه به، فقال سهيل: أنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يشفع الشهيد فى سبعين من أهله وأنى لأرجو أن لا يبدأ ابني بأحد قبلي، وكان يوم استشهد ابن ثمان وثلاثين سنة.
واستشهد عبد الله بن عبد الله بن أبى يوم جواثا، وقال غير الواقدي.
استشهد يوم اليمامة، قالوا: وتحصن المكعبر الفارسي صاحب كسرى الذي
فتوح البلدان، ص:92
كان وجهه لقتل بنى تميم حين عرضوا لعيره واسمه فيروز بن جشيش بالزارة وانضم إليه مجوس كانوا تجمعوا بالقطيف وامتنعوا من أداء الجزية فأقام العلاء على الزارة فلم يفتحها فى خلافة أبى بكر وفتحها فى أول خلافة عمر، وفتح العلاء السابون ودارين في خلافة عمر عنوة وهناك موضع يعرف بخندق العلاء.
وقال معمر بن المثنى. غزا العلاء بعبد القيسر قرى من السابون في خلافة عمر بن الخطاب ففتحها، ثم غزا مدينة الغابة فقتل من بها من العجم، ثم أتى الزارة وبها المكعبر فحصره، ثم أن مرزبان الزارة دعا إلى البراز فبارزه البراء بن مالك فقتله وأخذ سلبه فبلغ أربعين ألفا، ثم خرج رجل من الزارة مستأمنا على أن يدل على شرب القوم فدله على العين الخارجة من الزارة فسدها العلاء فلما رأوا ذلك صالحوه على أن له ثلث المدينة وثلث ما فيها من ذهب وفضة وعلى أن يأخذ النصف مما كان لهم خارجها، وأتى الأخنس العامري العلاء، فقال له. إنهم لم يصالحوك على ذراريهم وهم بدارين ودله كراز النكرى على المخاضة إليهم فتقحم العلاء فى جماعة من المسلمين البحر فلم يشعر أهل دارين إلا بالتكبير فخرجوا فقاتلوهم من ثلاثة أوجه فقتلوا مقاتلهم وحووا الذراري والسبي، ولما رأى المكعبر ذلك أسلم وقال كراز.
هاب العلاء حياض البحر مقتحما فخضت قدما إلى كفار دارينا
حدثنا خلف البزار وعفان، قالا. حدثنا هشيم، قال: أخبرنا ابن عون ويونس، عن محمد بن سيرين، قال بارز البراء بن مالك مرزبان الزارة فطعنه فوق صلبه وصرعه ثم نزل فقطع يديه وأخذ سواريه ويلمقا كان عليه ومنطقة فخمسه عمر لكثرته، وكان أول سلب خمس فى الإسلام
.
تم ارسال رسالتك بنجاح