اسم الكتاب: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
المؤلف: أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمري
اسم الناشر: دار القلم
الجزء: 2
الصفحة 290
قدوم الجارود بن بشر بن المعلى في وفد عبد القيس وكان نصرانيا
قال ابن إسحق فحدثني من لا أتهم عن الحسن قال: لما انتهى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كلمه، فعرض عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الإسلام، ودعاه إليه، ورغبه فيه، فقال: يا محمد، إني قد كنت على دين، وإن تارك ديني لدينك، أ فتضمن لي ديني؟ فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «نعم» أنا ضامن أن قد هداك اللّه إلى ما هو خير منه» قال: فأسلم وأسلم أصحابه، ثم سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الحملان فقال: واللّه ما عندي ما أحملكم عليه، فقال: يا رسول اللّه، فإن بيننا وبين بلادنا ضوال من ضوال الناس، أ فنتبلغ عليها إلى بلادنا؟ قال: «لا إياك وإياها، فإنما تلك حرق النار». فخرج من عنده الجارود راجعا إلى قومه، وكان حسن الإسلام، صليبا [1] على دينه حتى هلك، وقد أدرك الردة، فلما رجع قومه من كان أسلم منهم إلى دينه الأول، مع المغرور بن المنذر بن النعمان بن المنذر، قام الجارود فتشهد شهادة الحق ودعا إلى الإسلام، فقال: أيها الناس، إني أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأكفر من لم يشهد. وقد روينا خبر قدومه من حديث سليمان بن علي عن علي بن عبد اللّه بن العباس، وفيه إنشاده النبي صلّى اللّه عليه وسلّم حين قدم عليه في قومه:
يا نبي الهدى أتتك رجال*قطعت فدفدا [2] وآلا فآلا [3] وطوت نحوك الضحاضح [4]طرا لا تخال الكلال فيه كلالا
[(1)]) وعند ابن هشام: صلبا.
[(2)]) الفدفد: الأرض الواسعة المستوية لا شيء فيها، والجمع: فدافد.
[(3)]) الآل: السراب.
[(4)]) أي الماء الرقيق الذي يكون على وجه الأرض.
عيون الاثر الجزء 2، (صفحه 291)
كل دهناء [1] يقصر الطرف عنها أرقلتها قلاصنا [2]إرقالا
وطوتها الجياد تجمح فيها بكماة كأنجم تتلالا
تبتغي دفع بؤس يوم عبوس أوجل القلب ذكره ثم هالا
[(1)]) الدهناء: الفلاة.
[(2)]) القلوص من الإبل: الفتية المتمعة الخلق، وذلك من حين تركب إلى التاسعة من عمرها. والمعنى أن نوقنا قطعتها قلاصنا سريعا.
تم ارسال رسالتك بنجاح