فتح البحرين
دخول البحرين الإسلام دون قتال
الكتاب: فتوح البلدان
المؤلف: أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري (المتوفى: 279هـ)
الناشر: دار ومكتبة الهلال - بيروت عام النشر: 1988 م
من الصفحة 85 إلى 88
(غزوة البحرين) قَالُوا: وكانت أرض البحرين من مملكة الفرس، وكان بها خلق كثير منَ العرب من عَبْد القيس، وبكر بْن وائل وتميم مقيمين فى باديتها وكان على العرب بها من قبل الفرس عَلَى عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنذر بْن ساوَى أحد بني عَبْد اللَّهِ بْن زيد بْن عَبْد اللَّهِ بْن دارم بْن مَالِك بْن حنظلة، وعبد اللَّه بْن زيد هَذَا هُوَ الأسبذي نسب إِلَى قرية بهجر يقال لها الأسبذ، ويقال: أنه نسب إِلَى الأسبذيين وهم قوم كانوا يعبدون الخيل بالبحرين فلما كانت سنة ثمان وجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العلاء بْن عَبْد اللَّهِ بْن عماد الحضرمي حليف بنى عبد الشمس إِلَى البحرين ليدعو أهلها إِلَى الإِسْلام أو الجزية، وكتب معه إِلَى المنذر بْن ساوى وإلى سيبخت مرزبان هجر يدعوهما إِلَى الإِسْلام أو الجزية فأسلما وأسلم معهما جميع العرب هناك وبعض العجم. فأما أهل الأرض منَ المجوس واليهود والنصارى فإنهم صالحوا العلاء وكتب بينه وبينهم كتابا نسخته. بسم اللَّه الرَّحْمَنِ الرحيم: هَذَا ما صالح عَلَيْهِ العلاء بْن الحضرمي أهل البحرين صالحهم عَلَى أن يكفونا العمل ويقاسمونا التمر، فمن لم يف فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين. وأما جزية الرؤوس فإنه أخذ لها من كل حالم دينارا. حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ.«أَمَّا بَعْدُ» فَإِنَّكُمْ إِذَا أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَنَصَحْتُمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَآتَيْتُمْ عُشْرَ النَّخْلِ وَنِصْفَ عُشْرِ الْحَبِّ وَلَمْ تُمَجِّسُوا أَوْلادَكُمْ فَلَكُمْ مَا أَسْلَمْتُمْ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ بَيْتَ النَّارِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وإِنْ أَبَيْتُمْ فعليكم الجزية.
فكره المجوس واليهود الإِسْلام وأحبوا أداء الجزية، فقال منافقو العرب: زعم مُحَمَّد أنه لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب وقد قبلها من مجوس هجر وهم غير أهل كتاب فنزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُم: 5) 105، وقد قيل أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجه العلاء حين وجه رسله إِلَى الملوك في سنة ست.وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى الْحِمْصِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ مُغِيرَةَ الأَزْدِيِّ عن محمد بن زيد بن حَيَّانَ الأَعْرَجِ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: عَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَحْرَيْنِ- أَوْ قَالَ هَجَرَ- وَكُنْتُ آتِي الْحَائِطَ بَيْنَ الإِخْوَةِ قَدْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ فَآخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ الْعُشْرَ وَمِنِ الْمُشْرِكِ الْخَرَاجَ. وَحَدَّثَنَا القاسم ابن سلام، قال: حدثنا عثمان ابن صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إِلَى أَهْلِ هَجَرَ.بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ إِلَى أَهْلِ هَجَرَ سَلْمٌ أَنْتُمْ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بالله وبأنفسكم ألا تضلوا بعد إذا هديتم ولا تنووا بَعْدَ إِذْ رَشَدْتُمْ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ أَتَانِي الَّذِي صَنَعْتُمْ وَأَنَّهُ مَنْ يُحْسِنْ مِنْكُمْ لا يُحْمَلْ عَلَيْهِ ذَنْبُ الْمُسِيءِ، فَإِذَا جَاءَكُمْ أُمَرَائِي فَأَطِيعُوهُمْ وَانْصُرُوهُمْ وَأَعِينُوهُمْ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ مِنْكُمْ عَمَلا صَالِحًا فَلَنْ يُضَلَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدِي، وَأَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِي وَفْدُكُمْ فَلَمْ آتِ إِلَيْهِمْ إِلا مَا سَرَّهُمْ وَإِنِّي لَوْ جَهِدْتُ حَقِّي فِيكُمْ كُلَّهُ أَخْرَجْتُكُمْ مِنْ هَجَرَ فَشَفَّعْتُ غائبكم وأفصلت على شاهدكم «ف اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ» 3: 103. حَدثني الْحُسَيْن بْن الأسود، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن موسى، عن شيبان النحوي عن قتادة، قَالَ: لم يكن بالبحرين في أيام رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قتال، ولكن بعضهم أسلم وبعضهم صالح العلاء عَلَى انصاف الحب والتمر، وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ، قَالَ: حدثني يحيى بن آدم، قال: حدثنا الحسن بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ. وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَجُوسِ هَجَرَ يدعوهم إلى الإسلام، فان أسلموا فلهم مالنا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا، وَمَنْ أَبَى فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ فِي غَيْرِ أَكْلٍ لِذَبَائِحِهِمْ وَلا نِكَاحٍ لِنِسَائِهِمْ.وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عن ابن المبارك عن يونس بن يزيد الأَيْلِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، وَأَخَذَهَا عُمَرُ مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ، وَأَخَذَهَا عُثْمَانُ مِنْ بَرْبَرَ. وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْن إدريس عن مَالِك بْن أَنَس عَنِ الزهري بمثله.وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الله ابن سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى مُنْذِرِ بْنِ سَاوِيٍّ. مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ إِلَى مُنْذِرِ بْنِ سَاوِيٍّ سَلْمٌ أَنْتَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لا إله إلا هو، أما بعد فإن كِتَابَكَ جَاءَنِي وَسَمِعْتُ مَا فِيهِ، فَمَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ، وَمَنْ أَبَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ. وَحَدَّثَنِي عَبَّاسُ بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوِيٍّ فَأَسْلَمَ وَدَعَا أَهْلَ هَجَرَ فَكَانُوا بَيْنَ رَاضٍ وَكَارِهٍ، أَمَّا الْعَرَبُ فَأَسْلَمُوا، وَأَمَّا الْمَجُوسُ وَالْيَهُودُ فَرَضُوا بِالْجِزْيَةِ فَأُخِذَتْ منهم.
وَحَدَّثَنَا شيبان بْن فروخ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن المغيرة، قَالَ: حَدَّثَنَا حميد بْن هلال قَالَ: بعث العلاء بْن الحضرمي إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مالا منَ البحرين يكون ثمانين ألفا أتاه أكثر منه قبله ولا بعده فأعطى منه العَبَّاس عمه .حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى وَضَائِعِ كِسْرَى بِهَجَرَ فَلَمْ يُسْلِمُوا فَوَضَعَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ دِينَارًا عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ. قَالُوا: وَعَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَلاءَ ثُمَّ وَلَّى الْبَحْرَيْنَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي بْنِ أُمَيَّةَ، وَقَوْمٌ يَقُولُونَ: إِنَّ الْعَلاءَ كَانَ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ منها القطيف وإن أبان كَانَ عَلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى فِيهَا الْخَطُّ: وَالأَوَّلُ أَثْبَتُ.
تم ارسال رسالتك بنجاح