«القبيلة والدولة في البحرين»، للعالم اللبناني فؤاد إسحاق خوري، الكتاب الذي ظل يتربّع على عرش المؤلّفات المرجعية عن تاريخ البحرين السياسي والاجتماعي طوال 36 عاما. ولا يوجد مؤلّف بحثي أو رسالة دكتوراه عربية أو أجنبية عن البحرين، ولا مقالة أو دراسة تحليلية، لم ترجع إلى هذا الكتاب، الذي يعد أشهر مرجع علمي عن التاريخ الحديث والمعاصر في البحرين، وهو مصنّف ضمن الدراسات السياسية والاجتماعية، وقد نشر بالإنجليزية عام 1980، عن جامعة شيكاغو، ونقل إلى العربية في 1983، عن معهد الإنماء العربي ببيروت. وقد زار الراحل فؤاد خوري البحرين، بين عامي 1974-1975، لإجراء دراسة ميدانية، خرج منها بهذا المؤلّف الموسوعي الذي ظل ممنوعا من التداول في البلاد حتى هذا اليوم. خوري، (1935 - 2003)، الذي يعد من أشهر علماء السياسة والاجتماع العرب، هو أنثروبولوجي وباحث لبناني، حاصل على درجة الدكتوراه في الأنثروبولوجيا الاجتماعية من جامعة أوريغون في الولايات المتحدة الأميركية، وقد عمل بروفيسورا في الجامعة الأميركية في بيروت، وفي عدد من الجامعات العالمية. كتاب «القبيلة والدولة» تميّز بنهجه الذي استقصى خوري من خلاله مظاهر دقيقة للمجتمع البحريني شملت حتى حظور السمك والمزارع وتحليل الأسماء والعبارات الدارجة وأسماء المناطق السكنية وجذور التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البحرين. يتناول الكتاب حياة المجموعات السكانية في البحرين، ثقافتها، علاقاتها، تاريخها، وواقعها السياسي والاجتماعي. وفضلا عن كونه جهدا توثيقيا حاسما، كان الكتاب دراسة تحليلية ونقدية شاملة للواقع السياسي والاجتماعي في البحرين وتطوراته خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. من أهم المواضيع التي يتطرق لها الكتاب، الحكم القبلي وتنظيم اقتصاده عبر المجالس القبلية والمحاكم الدينية، إدخال الاستعمار النظام البيروقراطي إلى البحرين منهيا نظام المقاطعات والإمارات في ظل مقاومة قبلية، ثم تأسيس الدوائر المختصة وتطورها، الأسس الاجتماعية لسياسات التوظيف في القطاع العام، التحولات الاجتماعية والاقتصادية بعد اكتشاف النفط، المفارقات بين الفئات الاجتماعية المختلفة، المؤسسات شبه السياسية: المآتم والنوادي، المضامين السياسية لمواكب العزاء، التحركات الشعبية وتغير مضامينها، شرعية السلطة: تأسيس البرلمان وحله، ثم تغير نظام السلطة والتفاعل بين الفئات الاجتماعية وبروز القوى الجديدة. وبحسب مقدّمة مركز أوال للطبعة الجديدة، نشأت بين القرية البحرانية بمدلول الكلمة اللغوي والاجتماعي للسكان الأصليين لجزر البحرين وبما أفرزته على مدى قرون سابقة؛ والمدينة الحديثة التي أنشأتها القبائل الغازية للجزر في نهاية القرن الثامن عشر، وما تبعها من تنظيمات إدارية إنجليزية الصنع والتنفيذ على أرض الجزر لتثبيت حكم القبائل الخارجية ضد النسيج الاجتماعي الديني للقرية البحرانية.
تم ارسال رسالتك بنجاح